ميقاتي

يرجع تاريخ آل الميقاتي في طرابلس إلى أواخر القرن الثالث عشر عندما فتح السلطان المنصور قلاوون مدينة طرابلس وحررها من الصليبيين في العام 1289 والبدء ببناء المسجد المنصوري الكبير، حيث يذكر المؤرخ الدكتور عمر تدمري في كتابه <<آثار طرابلس الاسلامية دراسات في التاريخ والعمارة>> أن السلطان قلاوون احضر الشيخ محمد الميقاتي من مصر ليتولى مهمة تحديد مواقيت الصلوات في المدينة انطلاقاً من المسجد الذي انتهى بناؤه بعد وفاته بأربع سنوات (في العام 1294)، وقد حمل لقب <<الميقاتي>> نسبة إلى المهمة التي تولاها في المسجد والتي توارثها أحفاده من بعده وما زالوا إلى اليوم، حيث يتولى مهمة <<مؤقت طرابلس>> اليوم إثنان من آل الميقاتي هما الشيخ ناصر الميقاتي والشيخ صالح ميقاتي.


لكن تلك العائلة لم تحصر نفسها بتلك المهمة فوسعت دورها الذي بقي في الإطار الفقهي وخرج منها الكثير من العلماء والأئمة الذين يتبعون المذهب الشافعي ولم يتبدل انتماؤهم إلى الشافعية برغم التحول الذي حصل في المدينة بعد مجيء العثمانيين الذين كانوا يتبعون المذهب الحنفي مما استوجب إمامتين في المسجد المنصوري واحد للشافعيين وآخر للأحناف. فكان من أشهرهم الشيخ مصطفى عبد الحي الميقاتي عام 1642، ومؤقت طرابلس الشيخ إبراهيم الميقاتي عام 1700، وغيرهم الكثير من العلماء، وصولاً إلى منتصف القرن الماضي حيث لم يذكر المؤرخون أي دور ل<<الميقاتيين>> خارج النطاق الديني الذي توسع من دور المؤقتين إلى الإفتاء ليتولى الشيخ محمد رشيد ميقاتي منصب المفتي في عشرينات القرن الماضي، ثم ليتكرر الأمر في الخمسينات بتولي الشيخ كاظم الميقاتي منصب المفتي، وتواصل دور آل الميقاتي الديني حتى سبعينات القرن الماضي حين بدأ يظهر منهم بعض رجال الأعمال، ومن أبرزهم طه ميقاتي الشقيق الأكبر للرئيس نجيب ميقاتي، لكن ذلك لم يوقف استمرار تلك العائلة في لعب دور بارز في الشؤون الدينية والتربوية حيث شارك الشيخ علي رشيد ميقاتي في تأسيس الجمعية الخيرية الاسلامية واسعاف المحتاجين التي تولت في ما بعد إنشاء المدرسة العلمية (الكلية الاسلامية) التي أصبحت دار التربية والتعليم الاسلامية والكثير من الهيئات والمؤسسات الخيرية التي أشرف عليها آل كرامي من الرئيس الشهيد رشيد كرامي إلى الرئيس عمر كرامي والمهندس معن كرامي الذي يتولى رئاسة الجمعية منذ سنوات ووسعت من قدراتها وخدماتها وتقديماتها.

 
وفي السبعينات تواصل دور عائلة الميقاتي في الشأن الديني التربوي فأسس الشيخ محمد رشيد ميقاتي جمعية الاصلاح الإسلامية في العام 1977 التي أنشأت مدرسة الإصلاح ثم ثانوية الاصلاح في العام 1978 ثم جامعة طرابلس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في العام 1982.

 
نجيب ميقاتي في المعادلة

وحتى العام 1998 لم تكن لآل الميقاتي أي إطلالة في السياسة، ولم يبرز منهم خارج الشأن الديني إلا الشقيقان طه ونجيب ميقاتي في مجال الأعمال، وبرز نجيب كعضو فاعل في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، قبل أن يعين وزيراً للأشغال العامة والنقل في العام 1998 ويدخل السياسة من بابها الواسع مع تداول اسمه منذ تسميته وزيراً كمشروع دائم لرئاسة الحكومة، إلى أن تحقق هذا المشروع اليوم وبات نجيب ميقاتي رئيساً لحكومة تخلف حكومة خصمه المباشر في عاصمة الشمال الرئيس عمر كرامي الذي كان يشكل عائقا حقيقياً أمام طموحاته.

 
لكن تولي نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة الذي فتح باب الانتساب مجدداً إلى <<نادي الرؤساء>> المقفل منذ تولي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة أول حكومة له عام 1992، وبالشروط الموضوعة عليه من قبل المعارضة بعدم ترشحه للانتخابات النيابية، يثير سؤالين أساسيين لهما بعد محلي: الأول يرتبط بالمستقبل السياسي للرئيس ميقاتي، والثاني بمستقبل الساحة السياسية في طرابلس ورموزها.

ولآل ميقاتي فرع في بيروت المحروسة وهي من العائلات البيروتية السنيّة.


 

 

  //-->