الطريق الجديدة

 

طريق الجديدة، هكذا يسمي أهل بيروت المحلة الممتدة من ثانوية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في الحرج من جهة الشمال حتى آخر شارع صبرا من جهة الجنوب، وأما الدوائر الحكوميّة والبلديّة في بيروت فإنها تُسمّي هذه المحلة الطريق الجديدة، ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن هو السؤال عن سبب تسمية هذه المحلة بالطريق الجديدة واستمرار هذا الاسم عليها حتى الآن بالرغم من أنه مضى على بدء عمرانها ما يزيد عن عشرات السنين وهي مدة كافية لأن تجعلها قديمة، والجواب عل هذا السؤال هو أن هذه المحلة تكونت مع تمادي الأيام عندما شقت الحكومة في رمل بيروت طريقاً جديدة تصل ما بين غابة الصنوبر الحرش وشوران، الروش ، وقد أطلق يومئذ على المنطقة التي تكتنف هذه الطريق من جانبيها إسم طريق الجديدة.

 

ومحلة الطريق الجديدة التي تضمّ اليوم ما يزيد عن ربع مليون نسمة أو ما يعادل أكثر من ربع سكان بيروت كلها الذين يناهزون أكثر من مليون نسمة من المواطنين البيروتيين الأصليين والوافدين كانت قبل أن تعرف العمران قبل نحو نصف قرن، تُسمى تلة زريق نسبة إلى أحد العائلات النصرانيّة المعروفة بآل زريق التي كانت تملك مساحة كبيرة من التلة المحاذية لمحلة المزرعة، التي كانت تُعرف من قبل باسم مزرعة العرب.

 

وبسبب إتساع هذه الهضبة الرمليّة وخلوها من السكان والعمران، فإن أهل الجيل الماضي من البيروتيين كانوا يتخذونها منتزهاً ويقصدونها مع عائلاتهم بأفرادها من الكبار والصغار والرجل والنساء لقضاء عطلتهم الأسبوعية.

 

وكان يوم الجمعة، يهرع البيروتيون إلى هذه التلة ومعهم طعامهم وشرابهم وما يلزم من البُسُط وستائر الظل وأدوات الطبخ ووسائل التسلية واللهو من ورق اللعب وطاولة الزهر والبرجيز، والأهم هو النراجيل، تأخذ كل عائلة مكانها الذي يناسبها حيث يبقى الجميع طوال اليوم في مرح ولهو وسرور، وكثيراً ما كان الكبار من الشباب يساهمون بدورهم في هذا اللهو الذي يبدأ بريئاً ثم ما يلبث أن يستدرج أولئك الشباب للتشاجر فيما بينهم بسبب تنافسهم على إطلاق العنان لطياراتهم الورقيّة للتحليق في الجو، حتى تؤذن الشمس بالأفول عند المغرب، فيقوضون خيامهم ويجمعون متاعهم قافلين إلى منازلهم زرافات ووحداناً.

 

وكان البيروتيون يطلقون على هذه النزهة الأسبوعيّة الدوريّة إسم السيران ويقابلها اليوم في الاستعمال الدراج، شمّ الهوا، أي التفسح في الهواء الطلق للاستراحة من عناء العمل أثناء الأسبوع والاستجمام لاستئناف النشاط في الأيام المقبلة سعياً وراء الرزق وتأمين قوت العيال.

 

وعندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها عام 1918م بدأت محلة الطريق الجديدة تكتسي رمولها بيوت السكن وتنفرج في أرجائها الطرقات والشوارع، لم يكن فيها من الأهالي إلا العائلات التي انتقلت من المدينة القديمة، وجميع هذه العائلات البيروتيّة في منشئها وتسلسلها وموطنها وأفرادها مسلمون من أهل السنة.

 

ولقد جرت عادة المسلمين منذ القديم، أنهم عندما يحلّون في منطقة بنيّة الإقامة يبادرون إلى إبتناء مسجد لهم في هذه المنطقة، ومدرسة يتعلم فيها أبناؤهم وما إلى ذلك من المرافق العُمرانيّة التي يحتاجون إليها في حياتهم ومعاشهم، وهذا ما حصل بالنسبة إلى محلة الطريق الجديدة بالذات، فإن هذه المحلة ما إن دّب فيها العمران وإنتشر فيها السكان حتى إرتفع فيها عدد من بيوت الله لتكون مثابة للناس عندما يريدون إقامة صلاتهم أو عندما يجتمعون بالمناسبات الدينيّة والإجتماعيّة .

 

وفيما يلي أسماء هذه المساجد نوردها وفقاً لتاريخ بنائها وهي ستة مساجد:

ˇ       جامع الحرش ، وهو اليوم داخل في الأرض التي قامت عليها ثانوية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في غابة الصنوبر .

ˇ       جامع الرمل ، وهو يعرف باسم مسجد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

ˇ       جامع الشهداء ، وهو يقع في داخل مقبرة الشهداء بغابة الصنوبر.

ˇ       مسجد وخليَّة جمال عبد الناصر ، وهو يقع في الناحية الشماليّة لطريق (أبو شاكر).

ˇ       جامع الدَّنا ، وهو يقع في شارع صبرا إلى جانب سوق الخضار من هذا الشارع.

ˇ       جامع الخاشقجي ، وهو يقع في الطرف الشرقي من مقبرة الشهداء بمحاذاة الطريق العام.

 

أعلى الصفحة

 

السكان الأوائل بمنطقة الطريق الجديدة

حسب الروايات فان أول من سكن منطقة الحرج كان آل العرب حتى أن منطقة المزرعة كلها عرفت باسم مزرعة العرب وهم قبائل عربية وفدت من شبه الجزيرة العربيّة والعراق ونزلت في عكار ومنها إلى بيروت، منطقة الحرج حالياً، ومن العرب بطون وأفخاذ ... آل العرب وشهاب وزنهور وزهران وشحادة ويونس ودياب ومطر والصليبي وحسن والحسين ومنصور وفارس واللهيب ودمشقية وطيارة والقصار.

ومع الأيام بدأ سكان الباشورة والبسطة بسكن هذه المنطقة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:

ˇ       آل جلول

ˇ       صبرا

ˇ       زعتري

ˇ       قليلات

ˇ       بحصلي

ˇ       نقاش

ˇ       تمراوي

ˇ       فتح الله

ˇ       قمبريس

ˇ       طبارة

ˇ       مرعي

ˇ       البابا

ˇ       شعيتو

ˇ       حمادة

ˇ       الكعكي

ˇ       بردقاني

ˇ       جمّال

ˇ       الخطيب

ˇ       الجندي

ˇ       البراج

ˇ       الداعوق

ˇ       فتوح

ˇ       الحاج

ˇ       العمري

ˇ       الحكيم

ˇ       اسطمبولي

ˇ       الجوجو

ˇ       القاطرجي

ˇ       خاطر

 

ولم يلبث أن أمتد التوسع السكاني لداخل المنطقة التي عُرفت فيما بعد بالطريق الجديدة  فسكنها العديد من العائلات منها:

ˇ       دوغان

ˇ       برجاوي

ˇ       البغدادي

ˇ       صعب

ˇ       طه

ˇ       حلاق

ˇ       معاد

ˇ       بلوز

ˇ       قمر

ˇ       فليفل

ˇ       عجوز

ˇ       وقيسي

ˇ       تامرجي

ˇ       الربعة

ˇ       الالطي

ˇ       الحشاش

ˇ       الشافعي

ˇ       الرواس

ˇ       بلعة

ˇ       حشوي

ˇ       كبي

     وسواهم .

أعلى الصفحة

بعض المظاهر في الطريق الجديدة

 

المدينة الرياضية

بنيت بعهد الرئيس كميل نمر شمعون عام 1956 وحملت إسمه وتمّ تدشينها في 12 آب عام 1957م في إفتتاح الدورة العربيّة الثانية بحضور رئيس الجمهورية اللبنانيّة وعاهل المملكة العربيّة السعودية سعود بن عبد العزيز آل سعود.

وخلال عملية إجتياح بيروت، دمر الطيران الإسرائيلي المدينة الرياضية بحجة وجود مقاومين فيها وفي الرابع من أيلول عام 1993م وضع رئيس الوزراء آنذاك رفيق الحريري حجر الأساس لإعادة بنائها لإستقبال الدورة العربيّة الثامنة من تموز عام 1997م وله يرجع الفضل في إعمارها بتمويل سعودي وكويتي.

 
الملعب البلدي

يقع بوسط الطريق الجديدة، أقامه الجيش الفرنسي عام 1936م لإقامة الاحتفالات والمباريات الرياضية على أرضه، تملك الأرض بلدية بيروت وقد تعرض لتدمير إسرائيلي متعمّد عام 1982م. تم تأهيله وتوسعت مدرجاته لاستقبال الفرق المشاركة بالدورة الرياضية العربيّة الثامنة في تموز 1997م ضمن مخطط عام لإعادة كل المظاهر الحضاريّة لمدينة بيروت بإشراف رفيق الحريري.

شهد الملعب الاحتفالات الرياضية لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت أعواماً كثيرة وفيه إستلم الجنرال فؤاد شهاب قيادة الجيش اللبناني من الإنتداب الفرنسي.

 
حارة اليهودي

طلب سلمون المن ، صاحب محلات اروز دي باك، وهو يهودي الديانة، من محاسب لديه هو أبو عمر الأسطه أن يدله على أرض لبناء دار عليها فأرشده إلى أرض يملكها آل يموت، وجاء يومها راكباً عربة خيل علم 1910م وأعجبته الأرض فأتى بعمال يهود من تركيا وبنى البناية الملاصقة لمدرسة عائشة أم المؤمنين.

كان آخر من أشترى هذا العقار المرحوم رشدي ياسين وجاءت الأحداث الدامية عام 1975م فنُهبت الدار، ثم دمرتها غارات طائرات العدو الإسرائيلي عام 1982م خلال إجتياح بيروت .

 
منطقة السبيل

سُميّت كذلك نسبة إلى سبيل الماء الذي بناها المرحوم عبد الرحمن جلول في الأربعينات من القرن الماضي، بعد إنتهائه من بناء منزله والكراج والمحطة التي تقع عند تقاطع شارعي البستاني وصبرا.

 

شارع صبرا

يمتد شارع صبرا من تقاطع السبيل وشارع الطريق الجديدة شمالاً وصولاً إلى حدود مدينة بيروت مستشفى عكّا والسفارة الكويتية جنوباً ويعتبر اليوم أكثر شوارع الطريق الجديدة إكتظاظاً وحركة ونشاطاً وحرماناً. 

 
سجن الرمل

أيام شارل دبّاس عام 1926م وحبيب باش السعد عام 1934م كان سجن بيروت بوسط البلد في منطقة البرج، ثم إستقر الرأي أن يُنقل إلى خارج بيروت القديمة فحلّ السجن ضيفاً على الطريق الجديدة وكانت الرمال تحيط به من كل جانب فاكتسب الإسم منها، وقد تحولت أرضه إلى موقف سيارات للجامعة العربيّة.

 

شارع حمد

كان شارع حمد حتى العام 1935م عبارة عن زاروب ضيق يقف على بوابته لجهة شارع البستاني حارسان من العساكر السنغال لحماية الداخل، فالمنطقة كان إسمها كرم العسكر لوجود حامية عسكرية أجنبية فيها .

أول من سكن هذا الشارع المرحومين إبراهيم الدنا وأحمد سعيد حمد وآل الحافي وصقر ودوغان والكعكي وناصر ورمضان والجاروي ، ومع الأيام سكن آل الحص والبابا وعفرة والفاخوري ثم جاء آل القاطرجي والجنون والمعبي والهبري ، وأطلقت عليه بلدية بيروت أسم الشهيد عمر حمد، الذي أعدمته تركيا مع كوكبة من الشهداء في 6 أيار عام 1916م، وعُرف منذ ذلك التاريخ أي من الخمسينات باسم شارع حمد.

الباشا شاتيلا

هو المرحوم سعد الدين شاتيلا وكان من وجهاء بيروت، إشترى الأرض التي يقوم عليها حالياً مقر الكشاف المسلم في المنطقة المعروفة حالياً باسم مستديرة شاتيلا، وقد كان من رجال البر والخير، ساهم على نفقته الخاصة ببناء الطابق الأول من مبنى ثانوية البر والإحسان القديم.

 

 

سكة حديد بالطريق الجديدة

إستحدث الجيش البريطاني الذي إحتل بيروت في الحرب العالمية الثانية عام 1941م خطاً للسكة الحديدية لنقل الرمال من منطقة بئر حسن بهدف تمهيد بعض أرضها لبناء مطار بيروت الأول عليها.

كان خط القطار يمتد من تعاونية صبرا حالياً إلى تربة الداعوق فالمطار القديم، ثم يعود لتربة الداعوق فأرض جلول محاذياً لتربة ضحايا جنود الحلفاء ويدخل حرج بيروت وصولاً إلى بارك اوتو حيث ثكنات جيوش الحلفاء، وهي المنطقة التي تُعرف حالياً بمصالح الجيش، ومن البارك أوتو كان الخط يتجه إلى المنطقة المعروفة اليوم بمنطقة البويك ، بفرن الشباك ثم إلى منطقة سيدة الأوبريّة، والتي تُعرف اليوم بمنطقة رحّال، وكانت ملكاً لجميل لرمضان وصولاً إلى المرفأ حيث تُفرغ الرمال.

أعلى الصفحة

 

  الطريق الجديدة واليوم الأسود

//-->