الطريق الجديدة واليوم الأسود

 

أبى "حزب الله" وملحقاته أن يفوّت على اللبنانيين الاستبشار بالتظاهرة العربية والدولية التي شهدتها العاصمة الفرنسية دعماً لبلدهم، فعمد الى تحويل يوم لبنان الأبيض في باريس الى يوم أسود جديد في بيروت، التي شهدت شوارعها، للمرة الثانية في خلال أقل من ثلاثة أيام، عمليات اقتحام لمؤسسات تعليمية وتربوية، وجرائم قتل واعتداء واستباحة وشغب وفوضى شاركت فيها عناصر من حركة "أمل" أيضاً، وخلفت أربعة قتلى وعشرات الجرحى بينهم أربعة عسكريين وخسائر مادية كبيرة جداً في ممتلكات المواطنين.

 
بعد الثلاثاء الأسود، وقبل أن يستكمل اللبنانيون تنظيف سواد ما خلّفه ترهيب الميليشيات، عادت الأيدي السوداء عينها، وبالأسلوب الأسود ذاته، لتضيف الى سجلها الأسود خميساً أسود، مخجلاً، بل مخزٍ، تحوّل بفعل دخان دواليب "حزب الله" الذي لفّ العاصمة وقطع الطرقات الى مشهد استعاد صورة الحرب الأهلية وأنذر بأوخم العواقب، ابتدأت شرارته بتحريض مذهبي تولاه أنصار الحزب في جامعة بيروت العربية في منطقة الطريق الجديدة ما لبث أن امتد بشكل مدروس ومبرمج الى الأحياء الأخرى في العاصمة.


ماذا جرى في الخميس الأسود؟

ما تحصّل من معلومات متقاطعة، أفاد أن طلاباً تابعين لحزب الله وحركة أمل في جامعة بيروت العربية، عمدوا الى استفزاز طلاب آخرين داخل حرم الجامعة بترديد شعارات حزبية ومذهبية، وتوجيه شتائم الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعض صحابة النبي محمد عليه الصلاة السلام بشكل استفزازي ومركز، ما دفع طلاب "تيار المستقبل" الى محاولة ثنيهم، وما لبث أن تطور الأمر الى تلاسن فتضارب امتد الى محيط الجامعة فمنطقة الطريق الجديدة ومحيط المدينة الرياضية.

بدون تعليق


وأفاد طلاب في الجامعة أن عناصر طلابية تنتمي الى "حزب الله" عمدت الى السؤال عن طالبة في الجامعة كانت ظهرت ليل أول من أمس، في تقرير على شاشة محطة "المستقبل" موجهة انتقادات الى الحزب وأمينه العام على خلفية اعتصامات يوم الثلاثاء، ما دفع بزملائها الى استنكار ما يجري والطلب الى أمن الجامعة التدخل، ليتطور الأمر الى تلاسن فتضارب.

 

لحظات بعد الإشكال، والسيناريو عينه يتكرر، فرقة أوكل اليها افتعال الإشكال، لتصل بعدها باصات تحمل عدداً كبيراً من العناصر المدربة تحمل أسلحة وعصياً وآلات حديدية، وتبدأ بضرب الطلاب وتكسير كل ما تقع عليه أيديهم من سيارات ومحال، كما عمدوا الى إطلاق النار ترهيباً، لكن تدخل الجيش وإن حال دون دخول عصابات الشغب حرم الجامعة، لكنه لم يحل دون وقوع الشغب ووقوع الضحايا والخسائر.

آه يا أبطال


لكن ما لم يكن بالحسبان، أنه وفور شيوع خبر الإشكال، برزت عمليات شغب مماثلة، وبسرعة مبرمجة ولافتة، في عدد كبير من أحياء بيروت: مار الياس، عائشة بكار، زقاق البلاط، والمصيطبة، لتمتد الى طريق المطار ومنطقة الرمل العالي، وبدأت الغمائم السوداء نتيجة إحراق الإطارات المطاطية تغطي سماء العاصمة.

وقام شباب غاضبون في الطريق الجديدة باضرام النار في مركز الحزب السوري القومي الإجتماعي الموالي للمعارضة .

عاشوراء في الطريق الجديدة

 

وألقت قوّة من مغاوير الجيش، في منطقة المدينة الرياضيّة، القبض على قنّاصَين ضبطا بالجرم المشهود في مسرح المعارك وبحوزتهما سلاح التقنيص ، وتمّ تسليمهما الى مخابرات الجيش التي تقوم بالتحقيق معهما، وهي أبلغت قيادة "حزب الله" بأمرهما، وعُلم أنّ أحدهما سوريّ الجنسيّة، وأنّ الثاني فلسطيني.

  
ساعات طوال من الشغب والفوضى المنظمة عاشتها بيروت أمس، زادها سوءاً ظهور عدد من نواب "حزب الله" على شاشات التلفزة لتبرير ما يجري واتهام قوى الأكثرية بما يجري، وفي الساعة الرابعة عصراً أعلنت محطة "المنار" التابعة لحزب الله أن الحزب يدعو "جميع المواطنين الى الانسحاب من الشارع".

إنه يوم أسود جديد فرضته ميليشيا "حزب الله" و"أمل" وحلفاؤهما في قوى 8 آذار على العاصمة بيروت بتاريخ 25/01/2007 في منطقة الطريق الجديدة وخصوصاً محيط جامعة بيروت العربية والمدينة الرياضية ومحيط مدرسة الحريري الثانية في البطركية ومار الياس، حرب شوارع، سلاحها يبدأ من التلاسن بين طلاب في جامعة بيروت العربية، وصولاً إلى الأسلحة الحربية والاقتحامات ورصاص القنص وترويع تلاميذ المدارس وأهالي الأحياء والحصيلة اربعة قتلى وعشرات الجرحى، وإحراق سيارات، فيما نفذ الجيش انتشاراً كثيفاً في الشوارع التي شهدت صدامات بين الأهالي والميليشيات التي استحضرت بالفانات إلى المنطقة مزوّدة بالخوذ العسكرية والأسلحة والسواطير والعصي.


وكانت شرارة المواجهات بدأت ظهراً في حرم الجامعة بين طلاب مناصرين لقوى "14 آذار" وأنصار "حزب الله" وحركة "أمل"، امتدت بعد نحو ساعتين إلى محيط الجامعة، حيث أحرق عدد من الشبان سيارات عدة في موقف السيارات التابع للجامعة، بينما عمد آخرون قدموا من الأحياء المجاورة، ولاسيما من مناطق الضاحية والاوزاعي إلى مساندة رفاقهم، وتحطيم زجاج عدد كبير من السيارات أو احراقها.

خداع للمشاهدين في القرن الحادي والعشرين

تقرير تلفزيون المستقبل قبل أحداث الخميس الأسود الذي أثار حزب الله وملحقاته

 

 أعلى الصفحة

//-->